من أنا

Kuwait
طالب في كلية تربية الاساسية التابعة لهيئه العامة للتعليم التطبيقي والتدريب / كويت

الخميس، 6 مايو 2010

المكتبات المتنقلة.. صناديق ملتهبة يخاف المواطنون دخولها ويتحدثون عن أمور سيئة تحدث فيها

تتجول فى أحياء القاهرة الكبرى ٦ سيارات غريبة المنظر مدون عليها «المكتبة المتنقلة».. وربما شاهدتها يوماً «تركن» فى منتصف الشارع مسببة عطلة مرورية أو واقفة قرب مناطق القمامة، وربما تابعت يوماً مشاجرة بين القائمين عليها ومواطنين يرفضون أن تركن فى أماكن سياراتهم.

وعلى الرغم من مرور ما يزيد على ربع قرن على ظهور المكتبات المتنقلة فإنها لم تحقق الهدف المرجو منها.. لن تجد الكتاب الذى تريده تحديداً ولن تستطيع البقاء فيها لدقائق بسبب جوها الخانق.. واختلف القراء والمتخصصون حول أهميتها، وجدوى وجودها ففى الوقت الذى أبدى فيه القراء استياءهم من قلة الخدمات المتواجدة بها، اعترف المسؤولون عنها بتدهور حالتها وضعف إمكاناتها.

تقول سها أحمد ١٥ سنة إنها زارت مكتبة متنقلة مرة واحدة فى حياتها منذ ٥ سنوات بمدينة نصر، ولا تتذكر منها إلا مجموعة ترابيزات فوقها كتب، لأنها لم تشاهدها ثانية من وقتها.

هيثم عبد الله قال إنه يرى المكتبات المتنقلة فى مدينة العبور، لكنه لا يفكر مطلقاً فى ارتيادها لأنها لا تحتوى على أجهزة كمبيوتر أو كتب حديثة، وكل ما بها كتب قديمة وقليلة العدد، الأمر الذى يجعل احتمالية حصوله على كتاب فى علم الكيمياء مثلاً أو الفيزياء مستحيلة.

ولاء محمد ٢٣ سنة تقول إنها كثيراً ما تشاهد المكتبة المتنقلة فى شبرا لكنها لا تدخلها أبداً لأسباب عديدة منها أنها مكتبات غير مجهزة لاستقبال عدد كبير من القراء، لضيق مساحتها، بالإضافة إلى تواجدها بصورة خاطئة فى الشارع وهو ما يسبب أزمة مرورية بسبب وقوفها فى منتصف الشارع أو صف ثان، وتعرضها لحرارة الشمس الهائلة دون وجود تكييف وهو ما يجعلها شديدة الحرارة، فضلا عن انتشار شائعات حول تحرش العاملين فيها بالأطفال، الأمر الذى منعها، وكل من تعرفه من دخول تلك المكتبة.

الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس الهيئة العامة للكتاب قال إن دور المكتبات المتنقلة جزئى ومحدود، حتى لو قامت بأداء كل مهامها، وأن المشكلة فى مصر ليست فى أعداد المكتبات أو أنواعها، لأن المشكلة الأساسية هى غياب ثقافة ارتياد المكتبة، الأمر الذى يستدعى نظرة جديدة إلى المكتبات الكثيرة المتوفرة حالياً والتى تتبع دار الكتب، ومكتبات مبارك، والتى تعانى محدودية الإقبال.

وأضاف أن القراء فى مصر لم يتعودوا على وجود المكتبة المتنقلة، وأنها لا تنفع إلا الأشخاص من ذوى ثقافة القراءة، ولا يجدون مكتبة ثابتة قريبة منهم، لكنها لا تغنى عن المكتبات الثابتة، لأنها لا تحتوى على الوسائل الحديثة مثل الكمبيوتر والإنترنت، والتى تشجع القراء والشباب على الذهاب الى المكتبة، وان ميزتها الوحيدة هى الوصول إلى الأماكن البعيدة، وهى تشبه إلى حد كبير القراءة فى وسائل المواصلات.

ولفت عبد المجيد إلى أن تلك المكتبات يصعب تطويرها وفقاً لمشروع القراءة للجميع الذى يستهدف نشر ثقافة القراءة من خلال اقتناء الكتب فى المنازل، وتطوير المكتبات وتزويدها بأحسن الوسائل التعليمية والتثقيفية، وهو الأمر الذى يصعب تحقيقه، بالمكتبة المتنقلة، حيث يصعب إضافة أجهزة كمبيوتر بها، لإحداث تكامل بين الكتاب الورقى والقراءة الإلكترونية، لذا فإنها لا تشتمل على الإغراء الكافى لرواد المكتبات الثابتة، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها فى تثقيف المجتمع المحيط بها.

الكاتب سعيد الكفرواى قال إن مشروع المكتبات المتنقلة لم يحقق الغرض من إنشائه، لأن هناك حائلاً ما بين الطفل المصرى والأماكن المغلقة، فالطفل يحب المكان الثابت لا المتغير، كما أن نوعية الكتب بتلك المكتبات محدودة ولا تتسع لتنوع ثقافى وفنى، ولم تعد تليق بتقديم خدمة ثقافية جديدة، لأنها لا تضم كتب المؤلفين الجدد، فضلاً عن كونها منتشرة فى الأماكن الراقية فقط، وأنها لا تتصف بالدوام الأمر الذى ينفى إمكانية إقامة علاقة وطيدة مع الطفل.

وأضاف أنه يحلم لهذا المشروع أن يتحول إلى مكتبة ثابتة فى كل حى، كى تلبى حاجة المواطن طفلاً وشاباً ورجلاً وامرأة، وتجعل من القراءة جزءاً من اهتمام الناس.

قدرى عبد الرحمن إخصائى مكتبة متنقلة، قال إن مكتبته تستوعب ١١ ألف كتاب، لكنه يعانى من مشاكل كثيرة أهمها التعامل مع جمهور مختلف، أغلبه لا يعلم القواعد فمن المواقف التى تعرض لها سيدة جاءت بطفلها تحمله على كتفها ودخلت إلى المكتبة وأخذت ٤ كتب ورفضت أن تتركها لأنها فقيرة وأولادها أيتام ويحتاجون إلى تلك الكتب دون دفع ثمنها، وأخرى كانت تعتقد أنها عربة تنظيم الأسرة،

وفى أحيان كثيرة قد يصعد طفل متخلف عقلياً أو مجنون إلى السيارة، كما قد تتعرض السيارة بالقذف بالطوب ويرفض الأهالى أن تركن فى أماكن سياراتهم الأمر الذى يجعل سائق المكتبة يقف إما فى أماكن مخالفة للمرور أو فى أماكن بعيدة عن الأطفال، أو الوقوف فى الشمس وبجوار أكوام القمامة.

وأضاف أنه لا علاقة بين مكان وقوف المكتبة المتنقلة وبين الرواد، وإنما يتوقف الأمر على ثقافة الفرد، ففى الأماكن الراقية يرفض الطلاب الصعود للمكتبة المتنقلة «ويقرف» من الكتب الموجودة بها، لأن النظافة بتلك المكتبة بالمجهود الذاتى، على عكس القارئ فى الأماكن النائية الذى يرى المكتبة قمة التقدم بالنسبة إليه، وينتظر وجودها كل أسبوعين.

محسن صلاح مدير الادارة العامة للمكتبات المتنقلة قال ان هناك ٦ مكتبات متنقلة فى مصر تعمل يوميا من الساعة التاسعة صباحا حتى الرابعة عصرا، فى ٦ مناطق هى منطقة الجيزة كلها مثل العمرانية والعشرين وبولاق الدكرور، والوراق ومنطقة البصراوى بامبابة، وهناك مكتبة بعين شمس وأخرى تخدم المدن الجديدة والرابعة تخدم المرج ونواحيها اما الخامسة فتخدم الحوامدية والسادسة تهتم بمنطقة كلية بنات الازهر، حيث تكون كل مكتبة مسؤولة عن ١٠ مواقع فى المنطقة التى تخدمها، على ان تزور الموقع الواحد مرتين فى الشهر، ويشترط ان يكون ذلك الموقع بجوار مدرسة او مصلحة حكومية، ليتمكن القراء من معرفة وجودها خاصة انها تعتمد عليهم فى اطلاع الاخرين بوصولها الى المنطقة لعدم وجود امكانيات اعلانية، تنبئ القراء بوجودها.

وأشار إلى أن المكتبات المتنقلة فى مصر موجودة منذ عام ١٩٨٤، حيث كانت توجد مكتبة واحدة، ثم وصلت إلى ٦ مكتبات العام الماضى، وتتفاوت أعداد الكتب بها، ففى الوقت الذى تستوعب الواحدة ١٢ ألف كتاب تستوعب أحدث مكتبتين ٥ آلاف فقط للواحدة.

وأضاف أن تلك المكتبات تقدم خدمات الاطلاع والاستعارة بعد أن يحصل القارئ على طلب استعارة، ويملؤه بعد أن يحصل على موافقة من موظف حكومى ليضمنه وإعادة الكتاب مرة ثانية للمكتبة، ولفت إلى أن تلك المكتبات تعانى مشكلات كثيرة أهمها أن إمكانية حصول باحث عن كتاب بعينه ١٠% فقط، لأنها تضم فى أغلب الأحيان كتب كبار الكتاب مثل طه حسين والعقاد، بالإضافة إلى المشاكل المرورية التى يواجهها القائمون بها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق